احصل على وظيفة العمر: إزاي تطوّر علاقتك بزملاء العمل؟
يبيّن لنا "نورمان سي هيل" في كتابه "فن التعامل مع الزملاء" طبيعة علاقات زملاء العمل وكيفية تطوير هذه العلاقات وإنجاحها وتحسينها وتلافي أي توترات أو شوائب تعكّر صفو هذه العلاقة التي يخلق نجاحها مناخاً من الاستقرار والإيجابية والارتياح في بيئة العمل، ويؤدي توتّر هذه العلاقات وفشلها إلى تحوّل بيئة العمل إلى جحيم لا يُطاق في ظلّ صراعات ومنازعات تفتقر إلى الروح الشريفة والمبادئ الأخلاقية.
بالتأكيد لا يرغب أحد منا في إقامة علاقات سيئة مع زملاء العمل؛ ولكن مع الضغوط المتزامنة في البيئة المحيطة وسوء الفهم الذي يحدث بين الأفراد تحدث المواقف الصعبة والتصادمات بين الزملاء وبعضهم.
فما أسباب العلاقة السيئة بين زملاء العمل؟ وكيف يمكن تجنّب هذه الأسباب؟ وإذا حدث سوء الفهم وساءت العلاقات، كيف يمكن لنا أن نُصلحها ونعيد الاستقرار ومناخ الحب في جو العمل؟
أهمية علاقات زملاء العمل
طبيعة الأعمال حالياً تقوم على فِرَق العمل، ومن ضمن العناصر الأساسية التي يتم اختيار المتقدمين للعمل على أساسها هي القدرة على التواصل والعمل ضمن الفريق؛ حيث إن فرداً واحداً لا يمكنه القيام بكل شيء؛بل يجب أن يشترك معه الآخرون، ويتم تقسيم العمل، ومع ذلك ينبغي على أفراد فريق العمل التواصل بشكل مستمر وتبادل المعلومات والمهام التي تكون مترتّبة على بعضها ولا يمكن فصل حلقة عن أخرى، ولكي تؤدي الشركة عملها بنجاح؛ فإن جميع جهود التفاوض اللازمة لتقسيم العمل الناجح يجب أن تتسم بسهولة وسلاسة.
الاتصال يصنع النجاح أو الفشل
قدرتك على الاتصال الناجح مع زملائك في العمل هي التي تتحكم في علاقاتك معهم بشكل أساسي، وليس هناك عامل آخر يضاهي الاتصال أهمية في تنسيق الجهود وبناء الثقة بين الناس والحفاظ على تلك الثقة.
وقنوات المعلومات المسدودة والرسائل غير الواضحة تسبّب النزاع وتعيق أداء المجموعة، وعندما يرضى الزملاء بالاتصال من الدرجة الثانية؛ فإنهم يتخلّون عن تحقيق العمل باحترافية وتميّز.
وتلك القصة التي يستخدمها خبراء التنمية البشرية لتوضيح أهمية وضوح الرسالة والاتصال في العلاقة بين زملاء العمل، تعكس لنا الأهمية البالغة لنجاح الاتصال ودوره في إنجاز المهمة.
كل شخص، وشخص ما، وأي شخص، ولا أحد
هناك قصة عن أربعة أشخاص يُدعون (الجميع، وشخص ما، وأي شخص، ولا أحد).. وكان هناك عمل هام لا بد من إنجازه، وقد طُلب من "الجميع" إنجازه، وكان "الجميع" متأكداً أن "شخصاً ما" سيقوم بأداء ذلك العمل، وكان بإمكان "أي شخص القيام" بذلك العمل، ولكن "لا أحد" أنجز العمل، وقد غضب "شخص ما" بسبب ذلك؛ إذ إن ذلك العمل كان عمل "الجميع"، وقد اعتقد "الجميع" أن "أي شخص" يمكن أن يؤدي ذلك العمل، ولكن "لا أحد" أدرك أن "الجميع" قد اعتقد بأن بإمكان "أي شخص" أن يقوم به، كما أن "لا أحد" أدرك أن "الجميع" لن يقوم به، وانتهى الأمر بأنْ لامَ "الجميع" "شخصًا ما"، في حين أن "لا أحد" قد سأل "أي شخص" القيام بذلك العمل.
الخلاصة: عند عرض شيء على أنه مسئولية الجميع فمن المحتمل أن ينتهي به الأمر على أنه ليس مسئولية أحد. ومن هنا تظهر المشكلات الناتجة عن عدم توضيح المسئوليات بصورة كافية.
ومن الضروري لكل فرد في مجموعة العمل أن يعرف ما دوره، ولذلك يجب أن تربط شبكة المعلومات بين كافة أفراد الفريق، ويتوجب على الزملاء في الشركة أن يلتقوا ويتحدثوا ويتفاعلوا مع بعضهم البعض؛ كل ذلك بالكثير من الأخذ والعطاء.
تطوير علاقات إيجابية بين زملاء العمل
هناك مجموعة من السمات تمكّنك من إجراء اتصال إيجابي وفعّال مع زملاء العمل وتخلق جوًا مستقراً في بيئة العمل المشترك، ومن خلالها تستطيع أن تُنجز المهام المشتركة بسلاسة ويُسر، ومنها:
1- السمعة الطيّبة
عندما تسعى لبناء سمعة طيّبة لك في المؤسسة التي تعمل بها؛ وذلك دون تكلّف أو تصنّع من خلال اعتمادك على أخلاقياتك وقِيَمك وابتعادك عن أي تجاوزات، ومن خلال التركيز على تجويد أعمالك وتقدّم مستواك باستمرار؛ فإنك ستكون محلّ ثقة وتقدير واحترام من الجميع.
2- وضع احتياجات الآخرين في الاعتبار
فزملاء العمل هم بشر، لهم احتياجات اجتماعية وإنسانية؛ فلا بد من إشعارهم بالاحترام والتقدير وتقديم المساعدة والمشورة لمن يحتاجها، والسعي إلى التفاعل والتواصل الإيجابي معهم.
3- تطوير أرضية مشتركة
يتم إنجاز العمل في الشركات عن طريق تحديد المشاكل وحلها، وعلى الرغم من أن بعض المشاكل تكون واضحة؛ إلا أن أغلبها ليس كذلك.. وفي الغالب إذا كان لديك أنت وزميل العمل خلفية مشتركة في التخصص مثلاً كالهندسة أو الحسابات أو الموارد البشرية؛ سترى أنت وهذا الزميل فرصة لتحسين انسياب العمل وتقليل الأخطاء وإضفاء نوع من القيمة على إحدى العمليات، ولكي تتمكن أنت أو زميلك من الوصول إلى متّخذي القرار والتأثير عليهم بما لديك من معلومات وخلفيات حول سير العمل؛ يجب أن يتوفر لديك مجموعة من المهارات والقدرة على الإمساك بزمام المبادرة، والمعرفة الفنية في الاستشارات عبر الحواجز الداخلية للشركة ونُظُمها الإدارية التي قد ينتابها بعض البيوقراطية.
4- الشبكة
عليك أن تبني شبكة واسعة من العلاقات داخل وخارج العمل.. وتتسم شبكات العمل بالتوافق في الأهداف والتطلّعات والقيم، وهناك بعض الطرق التي تُبنى من خلالها هذه الشبكة؛ مثل العمل في مشاريع واضحة ومع موظفين واضحين تمام الوضوح، وبقيامك بالمجهود المطلوب ستصبحون أصدقاء، تستطيع أن تقترح نشاطاً مشتركاً يفيد كلاً منكم كالمشاركة في ورشة عمل خارجية مثلاً تُكسبكم المزيد من الخبرات؛ مما يُضفي عليك المزيد من التقدير بين أفراد هذه الشبكة.
5- الاستشارة
تكمن جذور التفاعل الإيجابي بين الزملاء في العلاقات التعاونية؛ حيث نجد أن المرونة شيء أساسي فيما يتعلق بتشارك الآراء والأفكار والالتزامات بشكل مفتوح، وقدرتك على التواصل مع كافة أنماط الشخصيات، وتظهر الاستشارات بين زملاء العمل دائماً عندما نجد تفاوتاً في المهارات والخواص بين الموظفين؛ مما يُسهم في تعزيز التعاون والتشارك عبر مجموعة العمل وإزالة الحواجز لإنجاز العمل المطلوب.
6- تحديد التوقّعات بدقة
إن التوقعات التي تفرضها علينا أدوارنا لا تكون واضحة أبدًا، وإذا كان ما يطلبه منك زملاؤك -فيما يتعلق بمساهماتك- لا يبدو منطقياً؛ فمن المفيد جداً أن تتعرف بوضوح على توقّعات الطرف الآخر وتناقشه وتقدم ما تستطيع فقط تقديمه، ولا تَعِد بأكثر من طاقتك أو إمكاناتك، وحدّد هذه التوقّعات واجعلها جزءاً من طبيعة عملك.
7- تطوير لغة مشتركة في المناقشة مع زملائك
عليك أن تبذل جهدك من أجل تطوير لغة مشتركة في المناقشات مع زملاء العمل؛ حتى تتم مناقشة وتناول الموضوعات والمشاكل بشكل إيجابي ومباشر؛ حيث قد يظن البعض عن حدوث أي مشاكل أن السبب في الآخرين وليس نتيحة لانحراف تعريف الدور أو هيكلة العمل.
والسلام عليكم ورحمت الله وبركاته